دافع القاضي حسن فرحان من رئاسة النيابة العامة، خلال ندوة صحفية عقدت أمس الثلاثاء، عن طريقة تدبير القضاء للملفات المرتبطة باحتجاجات حركة "جيل زد 212" التي شهدتها عدة مدن مغربية منذ 27 شتنبر الماضي.
وأوضح فرحان أن الأحكام القضائية صدرت "في آجال معقولة ودون تسرع"، نافيا الادعاءات التي تحدثت عن محاكمات متسرعة أو عن انتزاع اعترافات تحت الإكراه. وأكد أن السلطات احترمت جميع ضمانات المحاكمة العادلة، وأن محاضر الضابطة القضائية أنجزت "في احترام تام للإجراءات القانونية"، مشددا على أنه "لم يتم استخدام أي اعترافات قسرية"، وأن بعض التأخيرات المسجلة تعود إلى طلبات الدفاع من أجل إعداد المرافعات.
وحول حصيلة الاعتقالات، قال فرحان إن ما يزيد عن 3300 شخص تم إطلاق سراحهم بعد التحقق من الهوية، بينما أحيل 2480 شخصا على النيابات العامة المختصة، من بينهم 959 تمت متابعتهم في حالة سراح، و1473 في حالة اعتقال. وأشار إلى أن عددا من القاصرين سلموا إلى أوليائهم بموجب قوانين حماية الأحداث، وأن المحاكم أخذت بعين الاعتبار "الظروف الاجتماعية وعدم وجود سوابق قضائية".
وتتراوح الأحكام الصادرة ما بين سنة و15 سنة سجنا، فيما يسمح القانون بعقوبات تصل إلى 30 سنة لبعض التهم، التي شملت "التجمهر المسلح، والاعتداء على موظفين عموميين، وتخريب الممتلكات، والنهب، وإضرام النار، وقطع الطرق، وحيازة أسلحة تهدد السلامة العامة".
وأكد فرحان أن قوات الأمن تصرفت "في إطار القانون"، ردا على "أعمال عنف وتخريب خطيرة" خلفت إصابات في صفوف رجال الأمن وأضرارا بالممتلكات العامة والخاصة. ووفقا للبيانات القضائية إلى غاية 27 أكتوبر، فقد تمت محاكمة 66 متهما أمام غرف الجنايات الاستئنافية، صدر في حق 61 منهم حكم بالإدانة، وتمت تبرئة خمسة، فيما أصدرت محاكم الدرجة الأولى 301 حكما، منها 208 بالسجن النافذ، و66 موقوفة التنفيذ، و27 بالبراءة. كما تمت محاكمة 162 قاصرا، أفرج عن 83 منهم.
وتبلغ نسبة البراءة 11.4% في محاكم الدرجة الأولى و9.7% في محاكم الاستئناف، في حين قررت النيابة العامة إسقاط التهم عن 48 شخصاً بعد مراجعة الأدلة المتاحة.
وتعد حركة "جيل زد 212"، التي انطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي قبل أن تنتقل إلى الشارع، رمزا لجيل جديد من النضال الشبابي في المغرب، إذ تعبر عن استياء واسع من أوضاع الصحة والتعليم والبطالة والفساد. وقد تبنت شعارات تدعو إلى "العدالة والكرامة والشفافية"، معبرة عن إحباط جيل يشعر بالتهميش من القرار السياسي وبثقل الأوضاع الاقتصادية.
ورغم الطابع السلمي العام للاحتجاجات، فقد شاب بعضها احتكاك مع قوات الأمن، وجرى تداول مقاطع مصوّرة لعمليات تفريق بالقوة واعتقالات جماعية، ما أثار اتهامات من نشطاء ومنظمات حقوقية بـ"الاعتقال التعسفي".
وقد أعادت هذه التطورات النقاش حول حرية التظاهر وحدود التعبير، بينما لا تزال الحركة تواصل تعبئتها عبر الإنترنت وتنظيم وقفات جديدة، مطالبة بإصلاحات مؤسساتية عميقة تعالج جذور الأزمة الاجتماعية والاقتصادية.