الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

الفصائل الفلسطينية توافق على إدارة مستقلة لقطاع غزة


في خطوة وصفت بأنها الأهم منذ انتهاء الحرب، أعلنت الفصائل الفلسطينية، في ختام اجتماعها بالعاصمة المصرية القاهرة، عن اتفاقها على "تسليم إدارة قطاع غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من المستقلين (التقنوقراط)"، على أن تتولى هذه اللجنة تسيير شؤون القطاع وإدارة الخدمات الأساسية بالتعاون مع الدول العربية والمؤسسات الدولية، في إطار من الشفافية والمساءلة الوطنية.

الاجتماع الذي عقد بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يومي 23 و24 أكتوبر 2025، جاء استكمالا لجهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر وتركيا، وبهدف متابعة مخرجات "قمة شرم الشيخ للسلام" ومعالجة تداعيات الحرب المدمرة على قطاع غزة. وقد رعت القاهرة هذا التوافق الذي يمثل تمهيدا لعقد حوار وطني شامل، يهدف إلى استعادة الوحدة الوطنية وحماية المشروع الوطني الفلسطيني، إلى جانب بحث تفاصيل المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار.

وأكدت الفصائل دعمها ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق الهدنة، مشددة على ضرورة الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع، ورفع الحصار بشكل شامل، وفتح جميع المعابر بما في ذلك معبر رفح، والبدء في عملية إعادة إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية إلى غزة، وتضمن إدخال المساعدات الإنسانية والصحية دون عراقيل.

كما تقرر إنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة الإعمار، مع التأكيد على وحدة النظام السياسي الفلسطيني واستقلالية القرار الوطني. وفي الجانب الأمني، اتفقت الفصائل على اتخاذ إجراءات تضمن حفظ الأمن والاستقرار في كامل القطاع، ودعت إلى إصدار قرار أممي بشأن القوة الدولية المؤقتة التي ستُكلّف بمراقبة وقف إطلاق النار.

وأدان المجتمعون الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، مطالبين بضرورة إلزام إسرائيل بالقوانين الدولية ذات الصلة، مؤكدين أن قضية الأسرى ستظل في صدارة أولوياتهم حتى نيل حريتهم. كما اتفقت القوى الفلسطينية على العمل المشترك لتوحيد الرؤى، ودعت إلى عقد اجتماع عاجل يضم كافة الفصائل لوضع استراتيجية وطنية موحدة، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، مع توسيعها لتشمل جميع القوى الوطنية بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي.

ويمثل "إعلان القاهرة" هذا خطوة جوهرية نحو إنهاء الانقسام الداخلي، إذ يجمع بين رؤية وطنية موحدة لإدارة المرحلة المقبلة في غزة، واستجابة لمطلب دولي وإقليمي أساسي يقضي بتشكيل حكومة تقنوقراط كشرط لبدء إعادة الإعمار. كما يشير إلى بداية مرحلة سياسية جديدة قد تعيد رسم المشهد الفلسطيني بأكمله.

واختتم المجتمعون لقاءهم بالتأكيد على أن "الوقت من دم"، وأن اللحظة الراهنة "مصيرية"، متعهدين بجعل هذا الاتفاق نقطة تحول حقيقية نحو وحدة وطنية جامعة، من أجل الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وضمان حق اللاجئين في العودة.

وفي سياق متصل، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال زيارته لإسرائيل أن القوة الدولية المزمع نشرها في غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار "يجب أن تضم دولاً تشعر إسرائيل بالارتياح تجاهها"، مشيرا إلى أن مستقبل إدارة القطاع لا يزال قيد النقاش بين إسرائيل وشركائها، مع استبعاد أي دور لحركة حماس، في حين لم يُحسم بعد الدور المحتمل للسلطة الفلسطينية في هذه الترتيبات.