أفادت وزارة الاقتصاد والمالية أن عجز الميزانية بلغ 52.8 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، مقابل 35.6 مليار درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بزيادة ملحوظة تعود إلى ارتفاع وتيرة الإنفاق العمومي بشكل أسرع من نمو الإيرادات، رغم استمرار التحسن في الأداء الاقتصادي العام.
ووفق المعطيات المالية، ارتفعت الإيرادات الإجمالية بنحو 33.3 مليار درهم مقارنة بسنة 2024، في حين زادت النفقات بحوالي 50.5 مليار درهم. وسجلت المداخيل الجبائية نموا بنسبة 15.2% لتتجاوز 258.1 مليار درهم، أي ما يعادل 80.6% من التوقعات المدرجة في قانون مالية 2025، بينما تراجعت المداخيل غير الجبائية بنسبة 1.9% لتستقر عند 33.5 مليار درهم.
أما النفقات العادية فقد بلغت 266.2 مليار درهم، أي ما يمثل 75.2% من مجموع الاعتمادات المبرمجة، ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات بنسبة 18.6%، وزيادة فوائد الدين بنسبة 23.6%. في المقابل، انخفضت نفقات المقاصة بنسبة 25.9% لتصل إلى 14.6 مليار درهم، نتيجة تقليص الدعم الموجه لغاز البوتان والسكر ودقيق القمح المدعم.
وسجلت نفقات الاستثمار 73 مليار درهم، بزيادة 2.3 مليار درهم مقارنة بشهر شتنبر 2024، أي ما يعادل 69.2% من الاعتمادات المقررة. أما الحسابات الخصوصية للخزينة فسجلت عجزا بقيمة 8.7 مليارات درهم بعد أن كانت قد حققت فائضا قدره 3.9 مليارات درهم في الفترة نفسها من السنة الماضية. في حين بلغ فائض الميزانية العادية نحو 29 مليار درهم، مقابل 31.2 مليار درهم في العام السابق.
وفي ما يخص السياق الاقتصادي، أوضحت الوزارة أن تنفيذ الميزانية تم في ظرفية وطنية ودولية إيجابية، حيث ارتفع الناتج الداخلي الخام بنسبة 5.5% خلال الربع الثاني من 2025، مقارنة بـ 4.8% في الربع الأول، مدفوعا بارتفاع الطلب الداخلي وتحسن أداء قطاعات رئيسية مثل الفلاحة والسياحة والبناء.
ورغم أن نمو الإيرادات يشكل مؤشرا إيجابيا على انتعاش النشاط الاقتصادي، فإن الارتفاع السريع في وتيرة الإنفاق زاد من حاجة الخزينة إلى التمويل، إذ سجلت الخزينة العامة عجزا قدره 50.5 مليار درهم إلى نهاية شتنبر، أي ما يقارب ضعف العجز المسجل في الفترة نفسها من سنة 2024، والذي بلغ 26.6 مليار درهم.
ويرى محللون ومؤسسات دولية أن السياسة المالية للمغرب ما تزال تحت ضغط بسبب سعي الحكومة إلى الموازنة بين تمويل المشاريع التنموية وضبط مستويات الدين العمومي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع عجز الميزانية تدريجيا من 4.1% من الناتج الداخلي الخام سنة 2024 إلى حوالي 3.3% سنة 2025، بدعم من استمرار النمو الاقتصادي والإصلاحات الجارية.
وتبرز هذه الأرقام التحدي القائم أمام المغرب في إيجاد التوازن بين النمو الاقتصادي والاستقرار المالي. فزيادة العائدات الجبائية تعكس تحسنا في النشاط الاقتصادي وفي آليات التحصيل، غير أن ارتفاع تكاليف خدمة الدين والنفقات التشغيلية يشير إلى ضيق هامش المناورة المالية للحكومة.
وبشكل عام، تؤكد المؤشرات استمرار دينامية التعافي الاقتصادي القوي للمغرب خلال سنة 2025، لكنها في الوقت ذاته تشدد على أهمية التحكم في الإنفاق وضمان توازن المالية العمومية للحفاظ على ثقة المستثمرين واستدامة الإصلاحات التنموية.