بعد خمسة أيام من الارتباك السياسي في فرنسا، أعاد الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين سيباستيان لوكورنو في منصب رئيس الوزراء، منهيا أسبوعا متوترا في قصر ماتينيون. وجاء القرار بعد أيام فقط من استقالة لوكورنو، التي قدّمها بعد يوم واحد من إعلان تشكيل حكومته، ما عمق الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية يوم الجمعة أن ماكرون طلب من لوكورنو قيادة "المفاوضات النهائية" لكسر الجمود السياسي والمضي في إعداد ميزانية سنة 2026 قبل نهاية العام، في وقت تواجه فيه فرنسا ضغوطاً كبيرة للوفاء بالمهلة الدستورية لتقديم مشروع الميزانية. وكان لوكورنو قد عين رئيسا للوزراء في 9 شتنبر، لكنه استقال بعد أقل من شهر، إثر انتقادات واسعة من المعارضة اليسارية التي اتهمته بتجاهل قضايا العدالة الاجتماعية، ومن المحافظين الذين رأوا في انتقاله من حزب "الجمهوريين" إلى معسكر ماكرون خيانة سياسية.
وينظر إلى إعادة تعيينه كخيار يعكس رغبة ماكرون في الاستمرارية بدل التغيير، في ظل محدودية هامش المناورة السياسية لديه. وعلق دبلوماسي فرنسي قائلا إن "لوكورنو هو الجندي المخلص لماكرون، ولن يطغى عليه سياسيا". بدأ لوكورنو مسيرته السياسية في صفوف اليمين قبل أن ينضم إلى معسكر ماكرون عام 2017، وشارك في جميع الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين، حيث شغل منصب وزير الأقاليم ما وراء البحار ثم وزير الدفاع في الحكومة السابقة.
وخلال توليه وزارة الدفاع، أشرف لوكورنو على زيادة غير مسبوقة في ميزانية الجيش، وساهم في تعزيز التعاون الدفاعي بين فرنسا وشركائها الأوروبيين، خصوصا خلال الحرب في أوكرانيا. كما كان أحد الوجوه البارزة في مرحلة احتجاجات "السترات الصفراء"، حيث شارك في تنظيم "الحوار الوطني الكبير" الذي دعا إليه ماكرون لامتصاص الغضب الشعبي.
ومع عودته إلى قصر ماتينيون، يواجه لوكورنو تحديا فوريا يتمثل في عرض مشروع ميزانية 2026 والدفاع عنه أمام برلمان منقسم بشدة. ويرى محللون أن إعادة تعيينه تمثل رهانا محفوفا بالمخاطر لماكرون، الذي تعاني ولايته الثانية من حالة عدم استقرار سياسي وغياب أغلبية برلمانية تمكنه من تمرير إصلاحاته بسلاسة.