الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

الملك محمد السادس: العدالة الاجتماعية ليست شعارا بل خيارا استراتيجيا للمغرب الصاعد


افتتح الملك محمد السادس اليوم الجمعة الدورة الأولى من السنة التشريعية الأخيرة للولاية البرلمانية الحالية، مؤكدا في خطابه أمام أعضاء مجلسي البرلمان على ضرورة مواصلة العمل بروح المسؤولية والالتزام، من أجل استكمال المشاريع والبرامج المفتوحة، ومواصلة الدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين.

وأشاد العاهل المغربي بالجهود التي يبذلها البرلمان في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، داعيا إلى مزيد من الفعالية والاجتهاد في إطار التعاون والتكامل مع الدبلوماسية الرسمية، لما للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية من دور في خدمة القضايا العليا للبلاد.

وأكد الملك أن السنة التشريعية الأخيرة يجب أن تكون مناسبة لتكريس ثقافة العمل المسؤول، بعيدا عن أي تنافس أو تضارب بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، لأن الهدف المشترك هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش المواطنين. وشدد على أهمية تأطير المواطنين والتواصل معهم، لشرح المبادرات الحكومية والقوانين التي تمس حياتهم اليومية وحقوقهم الأساسية، مبرزا أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة فقط، بل تشمل البرلمان والأحزاب السياسية والمنتخبين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني.

وأشار الملك محمذ السادس إلى أن المغرب يعيش اليوم دينامية جديدة في مسار "المغرب الصاعد"، من خلال إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية التي تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني، وتهدف إلى تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية تضمن تكافؤ الفرص بين جميع المغاربة. واعتبر أن مستوى التنمية المحلية هو المرآة الحقيقية التي تعكس مدى تقدم المغرب المتضامن والمتوازن، مؤكدا أن العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق ليست مجرد شعارات، بل خيار استراتيجي دائم ينبغي أن يحكم جميع السياسات التنموية.

ودعا الملك إلى تعبئة شاملة لكل الطاقات الوطنية من أجل إنجاح هذا التحول، عبر تغيير العقليات وأساليب العمل، وترسيخ ثقافة النتائج، والاعتماد على معطيات دقيقة والتكنولوجيا الرقمية، مشيرا إلى أن الحكومة مطالبة بإعطاء زخم أكبر للجيل الجديد من البرامج التنموية، على أساس علاقة "رابح – رابح" بين العالمين الحضري والقروي.

وفي هذا السياق، حدد الملك أولويات المرحلة المقبلة، وفي مقدمتها دعم المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص العمل للشباب، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة، وتأهيل المجال الترابي. كما شدد على ضرورة محاربة كل الممارسات التي تهدر الوقت والموارد، مؤكدا أن الفعالية والمردودية في الاستثمار العمومي لم تعد خيارا بل التزاما وطنيا.

وتوقف الملك عند ثلاث قضايا رئيسية اعتبرها محورية في المرحلة المقبلة، أولها العناية بالمناطق الأكثر هشاشة، وخاصة الجبلية والواحات، من خلال سياسات عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها ومؤهلاتها الطبيعية والبشرية. والثانية، التفعيل الأمثل للتنمية المستدامة للسواحل الوطنية بما يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، عبر تطبيق القانون والمخطط الوطني للساحل. أما الثالثة، فهي توسيع نطاق المراكز القروية لتصبح فضاءات لتدبير التوسع الحضري وتقريب الخدمات من سكان العالم القروي.

واختتم العاهل المغربي خطابه بدعوة الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، إلى تعبئة كل الجهود والإمكانات من أجل خدمة الوطن والمواطنين، والالتزام بقيم النزاهة ونكران الذات، مؤكدا أن خدمة الوطن أمانة ومسؤولية جسيمة تتطلب تفانيا وإخلاصا.