عمت أجواء من الفرح في إسرائيل وقطاع غزة يوم الخميس عقب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في المرحلة الأولى من مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة. وقد رحب الطرفان بالاتفاق وأعلنا دعمهما له، وكان من المنتظر توقيعه في منتجع شرم الشيخ المصري، فيما لم يصدر تأكيد رسمي فوري عن إتمام التوقيع.
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوضح أن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ بعد مصادقة الحكومة عليه، وذلك عقب اجتماع لمجلس الأمن المصغر. كما أكد منسق شؤون الأسرى في إسرائيل غال هيرش أن قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم لا تزال قيد الإعداد. وفي الوقت الذي كان يفترض فيه توقيع الاتفاق، تحدث سكان غزة عن سلسلة غارات إسرائيلية على مدينة غزة.
وبموجب الاتفاق، يتوقف القتال وتبدأ إسرائيل سحبا جزئيا لقواتها من القطاع، في حين تفرج حركة حماس عن الرهائن الذين اختطفتهم مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. مصدر مطلع على تفاصيل الاتفاق قال إن القوات الإسرائيلية ستبدأ الانسحاب خلال 24 ساعة من التوقيع، بينما من المتوقع الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء يوم الأحد أو الاثنين المقبلين. وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن عددهم يبلغ عشرين رهينة، فيما أعلن عن وفاة 26 آخرين وفقدان اثنين.
وفي غزة، خرج السكان إلى الشوارع المدمرة يحتفلون رغم استمرار القصف، وقال عبد المجيد عبد ربه من خان يونس "الحمد لله على وقف إطلاق النار ونهاية الدماء والقتل، ليس أنا وحدي سعيدا، كل قطاع غزة سعيد، وكل الشعوب العربية والعالم فرحون بنهاية هذه المأساة". وفي تل أبيب، امتلأ ما يعرف بـ"ميدان الأسرى" بالمواطنين الذين احتفلوا بالخبر، بينهم عيناف زوغاوكر، والدة أحد الأسرى، التي قالت "لا أستطيع أن أتنفس، لا أستطيع وصف مشاعري، سأعانقه فقط وأقول له إنني أحبه".
ورغم أجواء الفرح، أكد سكان غزة استمرار الغارات الإسرائيلية على أحياء عدة في المدينة حتى صباح الخميس، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل تسعة فلسطينيين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ويأتي الاتفاق بعد يوم واحد من الذكرى الثانية لهجوم حماس الذي أشعل الحرب، وبعد مفاوضات غير مباشرة في مصر أفضت إلى هذه المرحلة الأولى من إطار من عشرين نقطة طرحه ترامب.
الاتفاق اعتبر إنجازا دبلوماسيا كبيرا للرئيس الأمريكي، الذي وصفه بأنه "يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي ولإسرائيل ولكل الدول المحيطة والولايات المتحدة الأمريكية"، شاكرا وسطاء قطر ومصر وتركيا على دورهم في تحقيق "هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق".
في المقابل، ورغم الترحيب الواسع، تبقى ملفات حساسة دون حسم، أبرزها مستقبل حكم غزة ومصير حركة حماس التي ترفض نزع سلاحها. نتنياهو وصف الاتفاق بأنه "نجاح دبلوماسي وانتصار وطني وأخلاقي لإسرائيل"، لكن وزراء اليمين المتطرف في حكومته عارضوه، بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن "حماس يجب أن تدمر بعد إعادة الأسرى"، معلنا رفضه التصويت لصالح الاتفاق دون تهديد مباشر بإسقاط الائتلاف.
وحظي الاتفاق بدعم واسع من الدول العربية والغربية التي فشلت جهودها السابقة في تثبيت وقف إطلاق النار. وتشير المرحلة المقبلة من خطة ترامب إلى تشكيل هيئة دولية بقيادته، تضم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، للإشراف على إدارة غزة بعد الحرب. وتؤكد دول عربية داعمة للخطة أنها يجب أن تقود نحو استقلال الدولة الفلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو بشدة، كما ترفضه حماس بدعوى أنه يضع غزة تحت وصاية أجنبية.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 67 ألف فلسطيني قتلوا منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023، حين شنت حماس هجوما عبر الحدود أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 251 آخرين. وفي موازاة ذلك، خاضت إسرائيل حملات عسكرية في لبنان وإيران غيرت موازين القوى في المنطقة، لكنها وجدت نفسها في عزلة دولية متزايدة مع تصاعد الغضب العالمي من حجم الدمار والمعاناة في غزة.