تواجه غزة أزمة إنسانية متفاقمة مع اقتراب نفاد الإمدادات الغذائية العلاجية المخصصة لإنقاذ الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وفق ما أكدت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن مخزون الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام، وهو علاج أساسي للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، سينفد بحلول منتصف غشت إذا لم يتم تزويد القطاع بإمدادات جديدة.
وقال المتحدث باسم اليونيسف في عمان سليم عويس: "نحن نواجه وضعا خطيرا، إذ إننا على وشك النفاد من الإمدادات العلاجية"، مشيرا إلى أن ما تبقى يكفي فقط لعلاج ثلاثة آلاف طفل، في حين تم علاج خمسة آلاف طفل خلال الأسبوعين الأولين من يوليوز. وأوضحت اليونيسف أن الفترة الممتدة من أبريل إلى منتصف يوليوز شهدت تسجيل 20.504 حالات سوء تغذية حاد بين الأطفال، من بينهم 3.247 حالة خطيرة تهدد الحياة، وهو ما يقارب ثلاثة أضعاف الأرقام المسجلة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. ووفق منظمة الصحة العالمية، أدى سوء التغذية حتى الآن إلى وفاة 21 طفلا دون سن الخامسة، فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة عن حالتي وفاة جديدتين بسبب الجوع ليرتفع عدد الضحايا إلى 113 شخصا، معظمهم خلال الأسابيع الأخيرة.
ويأتي هذا النقص الحاد في وقت أظهرت دراسة داخلية للحكومة الأميركية أنه لا يوجد دليل على سرقة منظمة من قبل حركة حماس للإمدادات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، وهو الاتهام الذي تستند إليه إسرائيل والولايات المتحدة لتبرير دعم عمليات توزيع خاصة ومسلحة للمساعدات. وشملت الدراسة التي أجراها مكتب المساعدات الإنسانية في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية واكتملت أواخر يونيو، 156 حادثة فقدان أو سرقة لإمدادات مساعدات، وأكدت أنه "لا توجد تقارير تشير إلى استفادة حماس من هذه الإمدادات". ورغم ذلك، شكك متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في النتائج وقال إن هناك "أدلة مصورة" تثبت استيلاء حماس على المساعدات، من دون تقديم هذه الأدلة، فيما اتهم منظمات الإغاثة بالتغطية على "الفساد الإغاثي".
وأشارت الدراسة إلى أن 44 حادثة فقدان أو سرقة وقعت بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب عمليات عسكرية إسرائيلية، في حين لم يتم ربط أي من الحوادث بجماعات مصنفة كإرهابية من قبل الولايات المتحدة، بما في ذلك حماس. وتأتي هذه المعطيات في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن نحو ربع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يعيشون ظروفا شبيهة بالمجاعة، مع تزايد الوفيات جراء الجوع ونقص الغذاء، خصوصا بين الأطفال. وبينما تصر إسرائيل على أن القيود على دخول المساعدات ضرورية لمنع تحويلها إلى أهداف عسكرية، تؤكد المنظمات الإنسانية أن الكميات التي تصل إلى القطاع لا تفي بالحد الأدنى من الاحتياجات، وهو ما يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.