أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا مقلقا حول الأمراض غير السارية في المغرب، معتبرة إياها التحدي الصحي الأكثر إلحاحا في البلاد. وأكدت المنظمة أن هذه الأمراض مسؤولة عن ما يقارب 85% من الوفيات، بينها 24% من الوفيات التي تطال الفئة العمرية ما بين 30 و70 عاما. وتشمل الأمراض غير السارية أمراضا مزمنة مثل السرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.
وأوضح التقرير أن أكثر من 163 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية نتيجة أمراض مزمنة كأمراض القلب والأورام والاضطرابات العصبية التنكسية، مبرزا أن هذا النوع من الرعاية ظل مهمشا في السابق. كما أظهرت دراسة أجريت ما بين 2017 و2018 على فئة البالغين أن 94.3% منهم لديهم على الأقل عامل خطر واحد مرتبط بهذه الأمراض، مثل التدخين، سوء التغذية، قلة النشاط البدني، والسمنة.
وشدد التقرير على أن الأمراض غير السارية تمثل عبئا إضافيا على قطاع الصحة في المغرب، إذ تستهلك أمراض مثل الفشل الكلوي والسرطان والسكري أكثر من 73% من ميزانية الأمراض المزمنة طويلة الأمد. وفي الوقت نفسه، يعاني القطاع من نقص حاد في الموارد البشرية الصحية، حيث لا يتجاوز عدد العاملين الصحيين 1.5 لكل ألف نسمة، وهو رقم بعيد عن الهدف الذي حددته الأمم المتحدة في 4.45.
ظاهرة "هجرة الأدمغة" تزيد الوضع تعقيدا، إذ يغادر المغرب سنويا حوالي 3,700 من الكفاءات، من بينهم 700 طبيب وما بين 2,000 و3,000 مهندس، إضافة إلى عشرات الآلاف من العاملين في قطاعات أخرى. وسبق لوزير التعليم العالي السابق عبد اللطيف ميراوي أن أكد سنة 2022 أن هذا النزيف البشري يمثل تحديا كبيرا للتنمية الوطنية.
الأوضاع الصحية الصعبة فجرت في الأسابيع الأخيرة موجة غضب واحتجاجات في عدد من المدن، خاصة بعد تسجيل وفيات لنساء حوامل عقب عمليات قيصرية في المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، ما أثار ضجة واسعة. وبحسب تقرير المنظمة، فإن 2.57 مليون مسن في المغرب يعانون من مرض مزمن واحد على الأقل، وسط تزايد معدل العمر المتوقع وتراجع معدلات الخصوبة، وهو ما يفاقم التحديات المستقبلية للنظام الصحي.