الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

أموال القذافي تعود لتلاحق ساركوزي.. المحكمة تدينه بالتآمر الجنائي


أصدرت محكمة في باريس، اليوم الخميس، حكما يدين الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتهمة التآمر الجنائي في ملف التمويل غير المشروع لحملته الانتخابية عام 2007، والمتهم فيه بتلقي أموال من نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

وفي المقابل، برأته المحكمة من ثلاث تهم أخرى تتعلق بالفساد السلبي، والتمويل غير المشروع، وإخفاء اختلاس الأموال العامة. ورغم أن العقوبة لم تعلن بعد، فإن تهمة التآمر الجنائي تعتبر خطيرة في القانون الفرنسي وقد تصل عقوبتها إلى عشر سنوات سجنا. ومن المرتقب أن يستأنف ساركوزي الحكم فورا، وهو ما يوقف تنفيذ أي عقوبة بانتظار البت في الطعن.

وتعود القضية إلى الفترة ما بين 2005 و2007، حين كان ساركوزي وزيرا للداخلية قبل انتخابه رئيسا. واعتبرت المحكمة أن ساركوزي سمح لمقربين منه بالتواصل مع مسؤولين ليبيين بغرض الحصول على دعم مالي لحملته الانتخابية. لكن القضاة أوضحوا أنهم لم يجدوا دليلا قاطعا يثبت أن الأموال الليبية استخدمت فعلا في تمويل الحملة. ورغم ذلك، شددوا على أن وجود مخطط فساد يبقى جريمة حتى في غياب إثباتات الدفع المباشر.

إلى جانب ساركوزي، أدانت المحكمة وزيريه السابقين كلود غيان وبريس هورتفو بتهمة التآمر الجنائي، مع تبرئتهما من تهم أخرى. بينما تمت تبرئة إيريك وورث، المسؤول عن تمويل الحملة آنذاك.

حضر ساركوزي الجلسة برفقة زوجته كارلا بروني وأبنائه الثلاثة، وجلس في الصف الأمامي لقاعة المحكمة المزدحمة بالصحفيين والمتابعين. وخلال محاكمته التي استمرت ثلاثة أشهر، أنكر الرئيس الأسبق جميع التهم، واعتبرها "مؤامرة سياسية" مدفوعة بأدلة مزورة.

الادعاءات بدأت سنة 2011 بعد نشر وكالة ليبية أخبارا تتحدث عن تمويل بملايين اليوروهات لحملة ساركوزي، ثم تعززت بظهور وثائق وشهادات مثيرة للجدل، أبرزها تصريحات رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين الذي زعم أنه سلم حقائب من المال إلى مقربين من ساركوزي، قبل أن يتراجع لاحقا عن أقواله. ويذكر أن تقي الدين قد توفي هذا الأسبوع في بيروت عن عمر 75 عاما، قبل يومين فقط من صدور الحكم.

ورغم تراكم القضايا القضائية بحقه، من بينها إدانة بالفساد واستغلال النفوذ عام 2014، وإدانة أخرى بتمويل غير قانوني لحملته عام 2012، يظل ساركوزي شخصية نافذة داخل اليمين الفرنسي، ولا يزال يستشار من قيادات سياسية بارزة.

ويمثل الحكم الجديد محطة فارقة في المسار القضائي لساركوزي ويعمق الجدل حول إرثه السياسي، خصوصا أن العقوبة المرتقبة قد تكون الأشد في مسيرته. غير أن الطعن المرتقب قد يفتح فصلا جديدا من المعارك القانونية التي تطبع سنوات ما بعد الإليزيه للرئيس الأسبق.