غجدامي: ثعلب الصحراء وباني استراتيجيات انتصار المغرب في حرب الصحراء
الكولونيل محمد أقصبي الملقب بـ "غجدامي" أو "ثعلب الصحراء" ابن مدينة العرائش يعد من أبرز أبطال حرب الصحراء المغربية وأحد القادة العسكريين الذين سجلوا أسمائهم بحروف من ذهب في تاريخ الوطن. حياة غجدامي تمثل نموذجا للشجاعة والحنكة الاستراتيجية والقدرة على قيادة الجنود تحت أصعب الظروف، مما جعله رمزا وطنيا خالدا في الذاكرة المغربية.
ولد محمد أقصبي في العرائش، حيث ترعرع في بيئة تشجع على الانضباط والاجتهاد. منذ صغره أبدى اهتماما بالمعرفة العسكرية والانضباط الذاتي، ما دفعه للالتحاق بالمؤسسة العسكرية المغربية. وخلال سنواته الأولى في الجيش أظهر قدرات قيادية استثنائية وذكاء تكتيكيا متميزا مكنه من التدرج بسرعة في الرتب العسكرية واكتساب احترام قادته وزملائه.
تميز غجدامي خلال معركة بئر أنزران سنة 1979، وهي واحدة من المحطات الحاسمة في الحرب مع جبهة البوليساريو. قاد قواته بحنكة فائقة، معتمدا على المناورات السريعة والتكتيكات المفاجئة واستغلاله الأمثل للطبيعة الصحراوية القاسية. أسلوبه في التخطيط والتنفيذ جعل خصومه يهابونه وأصبح مجرد ذكر اسمه كفيلا ببث الرعب في صفوف البوليساريو، وهو ما منحه لقب "ثعلب الصحراء" الذي صار مرادفا للدهاء العسكري والشجاعة الاستراتيجية.
لم يقتصر دور غجدامي على المعارك فقط، بل شمل تنظيم القوات وتدريب الجنود ونقل خبرته الميدانية لتشكيل فرق أكثر استعدادا لمواجهة التحديات المستقبلية. قيادته المبنية على التقدير الشخصي والحنكة عززت الثقة بين الجنود ورفعت معنوياتهم حتى في أصعب الظروف الصحراوية.
إلى جانب بئر أنزران، شارك غجدامي في العديد من العمليات الميدانية المهمة، من بينها مهام التفتيش والمراقبة ومواجهة الهجمات المعادية التي ساهمت في تأمين خطوط الإمداد والمراكز الاستراتيجية المغربية. تكتيكاته المبتكرة ومناوراته الذكية منحته التفوق الاستراتيجي في مواجهة البوليساريو رغم الصعوبات البيئية واللوجستية.
يظل اسم غجدامي رمزا للبطولة والشجاعة والحنكة العسكرية. إن إنجازاته لم تكن مجرد انتصارات عابرة، بل ملحمة وطنية ساعدت المغرب في حفظ سيادته وتأمين أقاليمه الجنوبية. إذ شكّل حضور غجدامي قوة معنوية كبيرة للجنود وأصبح اسمه مصدر إلهام للأجيال القادمة من العسكريين والمواطنين على حد سواء.
اليوم يُخلد غجدامي كبطل وطني من أبطال حرب الصحراء وبمثابة أيقونة للثقة والانضباط والتفاني العسكري ودليل حي على أن الانتصارات الكبرى تحتاج إلى القيادة الذكية والقدرة على مواجهة أصعب التحديات