في خطوة غير مسبوقة على مستوى جهة سوس ماسة، تم عزل عامل عمالة إنزكان آيت ملول، إسماعيل أبو الحقوق، من منصبه، إثر تورطه في قضية تفويت وعاء عقاري كان مخصصا لإنشاء مؤسسة تعليمية بمدينة إنزكان. القرار الذي اتخذته السلطات المركزية يأتي ليعكس بوضوح مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي بات أحد أعمدة تدبير الشأن العام بالمغرب.
القضية تعود إلى وعاء عقاري استراتيجي، كان مبرمجا لاحتضان مدرسة جديدة استجابة للضغط المتزايد على البنية التحتية التعليمية في المنطقة، غير أن عملية تفويته لجهات أخرى خلقت موجة من الاستياء، سواء داخل الأوساط التربوية أو بين فعاليات المجتمع المدني، التي رأت في الأمر مساساً بحق أساسي يتعلق بضمان تعليم جيد ومتاح.
ويندرج قرار العزل ضمن مسار متنامٍ في تدبير الشأن العام، حيث لم تعد المسؤولية مرتبطة بالولاء الإداري أو السياسي فقط، بل أصبحت محكومة بمدى احترام القانون وخدمة الصالح العام. وهو ما يعكس حرص الدولة على محاربة أي شكل من أشكال سوء التدبير أو التلاعب بالوعاءات العقارية المخصصة للمرافق العمومية.
المثير في هذه القضية أن الأمر يرتبط بمجال التعليم، الذي يشكل أولوية وطنية كبرى، خصوصا في ظل الإصلاحات الجارية لتنزيل النموذج التنموي الجديد. وبالتالي فإن أي إخلال بالمشاريع التعليمية لا يُعتبر مجرد خطأ إداري، بل تهديدا لمستقبل مئات التلاميذ والأسر التي تعوّل على هذه المؤسسات لضمان تكافؤ الفرص.
القضية تفتح أيضا نقاشا أوسع حول الحكامة الترابية وكيفية تدبير الممتلكات العقارية التابعة للجماعات والعمالات، والتي كثيرا ما كانت موضوع جدل بين مستثمرين، منتخبين وسلطات محلية. وهو ما يفرض تعزيز آليات الرقابة، وإشراك المجتمع المدني والإعلام المحلي في تتبع مصير هذه الأوعية العقارية، خاصة تلك المخصصة للخدمات الاجتماعية.