رغم مرور عامين على الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز، لا تزال مئات الأسر المتضررة تعاني في صمت، وسط حرمان من الدعم والتعويضات التي خصصت للمتضررين، وبين الاحتجاجات والمراسلات والمطالب المرفوعة إلى مختلف الجهات الرسمية، يقول الضحايا إنهم لم يجدوا آذانا صاغية، بل ازدادت الأوضاع تعقيدا وغموضا.
وعبر منتصر إثري، أحد ضحايا الزلزال وعضو التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، عن الواقع المرير الذي تعيشه الأسر المقصية، قائلا : "عامان من المعاناة والآهات والألم المستمر، نحن أسر فقدنا منازلنا وممتلكاتنا وتشردنا، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب من ملفاتنا، التي تحولت اليوم إلى مجرد أرقام ومعطيات غير دقيقة، تسوق إعلاميا بعيدا عن الواقع".
وأكد منتصر في تصريح لصحفية "إم ديلي"، أن ملف التعويضات عرف "خروقات وتلاعبات خطيرة، بشهادة الضحايا أنفسهم و هيئات حقوقية، في ظل تواطؤ وصمت أعوان السلطة، الذين ساهموا في إقصاء عدد من الضحايا بشكل متعمد ".
و قال إثري أنه رغم الشكايات والتظلمات التي وجهت إلى الجهات المعنية، لم يفتح أي تحقيق جدي، وهو ما يثير، حسب المتحدث، تساؤلات حول "الجهات التي تخشى كشف الحقيقة وتحمل المسؤولية".
وأشار المتحدث إلى وجود محاولة لتقزيم حجم الكارثة، حيث قدرت بعض الجهات عدد الخيام المتبقية بـ47 فقط، وهو رقم اعتبره إثري مغلوطا ومضللا، مصرحا : "إن كانوا يقصدون هذا الرقم في كل دوار فربما، لكن الحقيقة أن آلاف الأسر المتضررة تم استبعادها من الدعم الكلي، واكتفي بدفعات دعم جزئي، والأسوأ أن هناك أرامل لم يحصلن على أي دعم إطلاقا".
ولم تقف المأساة عند حدود السكن، بل طالت أيضا البنية التحتية التعليمية، إذ أكد إثري أن "عددا من المدارس والمؤسسات التعليمية لم تباشر فيها الأشغال حتى اليوم، والنموذج في جماعة وقيادة أسني بإقليم الحوز، وهو ما ينطبق على جماعات أخرى متضررة ".
وتساءل المتضرر من الزلزال فيما إذا كان الضحايا أمام محاولة تهجير ممنهجة، بسبب ربط الاستفادة من الدعم بمكان إصدار البطاقة الوطنية، بينما المنازل التي انهارت كائنة في القرى، قائلا: "هل يريدون أن نبقى مشردين في المدن، أو أن نجبر على البقاء في القرى مهددين بالفقر والبطالة والتهميش؟".
و ختم المتحدث بالقول "نحن لا نطلب أكثر من حقنا في الإنصاف، في السكن الكريم، في التعليم لأبنائنا، وفي العودة إلى حياتنا الطبيعية، لا نريد أن نحول إلى مجرد أرقام في تقارير تنشر لتجميل الواقع".
فيما عبر جواد بالحاج، رئيس التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز ونائب الرئيس عن إقليم شيشاوة، عن استياءه العميق من استمرار ما وصفه بـ"الوضع المهين" الذي تعيشه الأسر المتضررة في عدد من المناطق المنكوبة.
وقال بالحاج أنه و بكل صراحة، ما يحدث اليوم في الحوز هو "نقطة سوداء بكل المقاييس"، حيث نرى أسرا ما زالت تعيش في خيام بلاستيكية لما يقارب عامين، في ظروف "لا تليق بكرامة الإنسان"، أسر كانت تنتظر أن تستفيد من الدعم الملكي الذي خصصه الملك محمد السادس لضحايا الزلزال، قبل أن تفاجأ بالإقصاء دون أسباب واضحة أو مقنعة ".
وأضاف جواد أن ما يثير الاستغراب أكثر هو استفادة أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط القانونية للاستفادة من الدعم، مقابل إقصاء أسر فقدت منازلها بالكامل، بل تعاني إلى اليوم في صمت، قائلا:" نريد أن نفهم لماذا يوجد هذا الخلل، ولماذا يتم حرمان أصحاب الهدم الكلي من حقهم، من المسؤول، ولمصلحة من هذا التلاعب؟".
وفي رسالة مباشرة إلى المسؤولين، دعا بالحاج رئيس الحكومة إلى فتح تحقيق عاجل وشامل في ما أسماه بـ"الخروقات والتمييز غير المقبول" في تدبير ملف الدعم، معتبرا أن هذا الملف أصبح رمزا لغياب الشفافية وتكافؤ الفرص.
وطالب المتحدث الجهات المسؤولة بتطبيق التعليمات الملكية السامية وإنصاف الضحايا، وتحقيق العدالة في توزيع الدعم، وإنهاء معاناة الأسر التي طالت أكثر مما يجب، "ملف زلزال الحوز لم يطو بعد، ولا يمكن أن نسمح له بأن يغلق بهذه الطريقة المجحفة".
ولتسليط الضوء على هذه القضية، أعلنت التنسيقية عن تنظيم وقفة احتجاجية سلمية أمام البرلمان، يوم الإثنين 08 شتنبر الجاري على الساعة 11 صباحا، موجهة دعوة مفتوحة إلى وسائل الإعلام، والهيئات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني لمواكبة هذه المحطة الاحتجاجية، التي تعتبرها صرخة جماعية ضد النسيان والتهميش. وفي انتظار أن يتحرك صوت الدولة والمؤسسات، يبقى صوت الضحايا شاهدا على جرح مفتوح، وجواب مؤجل.