مع اقتراب الثامن من شتنبر 2025، يجد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو نفسه أمام أصعب اختبار سياسي في مسيرته، إذ أظهر استطلاع للرأي أن 27% فقط من الفرنسيين يأملون في بقائه في منصبه. هذه النسبة الضئيلة تعكس أزمة ثقة غير مسبوقة، في وقت يستعد فيه لعرض حكومته على البرلمان في تصويت بالثقة قد يحدد مصيره السياسي.
منذ تعيينه، واجه بايرو تراجعا متواصلا في شعبيته. ففي مارس 2025 لم تتجاوز نسبة الرضا عن عمله 27%، ثم هبطت في أبريل إلى 25% قبل أن تصل إلى 14% في أحد الاستطلاعات، وهو أدنى مستوى لرئيس وزراء في الجمهورية الخامسة. وفي ماي استقر الدعم عند 27%، وهو أقل من شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون التي بلغت 28%، بينما أظهر استطلاع يونيو أن 20% فقط من الفرنسيين راضون عن أدائه مقابل 80% غير راضين، قبل أن يعود في غشت إلى 27% فقط من الراغبين في بقائه عشية التصويت الحاسم.
هذا المسار التنازلي يعكس أزمة عميقة في العلاقة بين الحكومة والرأي العام الفرنسي. فبايرو حاول تقديم نفسه كرجل وفاق قادر على إعادة الثقة بين الفرنسيين ومؤسسات الحكم، غير أن خطابه لم يقنع الشارع، والأزمات الاقتصادية والمعيشية جعلت وعوده الإصلاحية تبدو منفصلة عن الواقع. كما أن حكومته اصطدمت برفض واسع من مختلف أطراف المعارضة، من اليسار إلى اليمين المتطرف، ما زاد من عزلة بايرو السياسية.
ومن المرجع ألا يكون التصويت المرتقب في البرلمان مجرد إجراء تقني، بل معركة وجودية. فالأرقام المنخفضة لشعبيته تجعل من الصعب تخيل بقائه في السلطة، خصوصا إذا عبّر النواب عن المزاج الشعبي الرافض عبر حجب الثقة.
وتذكر هذه الأزمة بتجارب سابقة في تاريخ فرنسا السياسي، مثل تجربة إديث كريسون التي فقدت دعم الشارع سريعا وغادرت الحكومة بعد أقل من عام، أو جان مارك إيرولت الذي اضطر الرئيس فرانسوا هولاند إلى استبداله بعد انهيار شعبيته، وأيضا ألان جوبيه الذي واجه احتجاجات واسعة ضد إصلاحاته وخسر رهانه الانتخابي.