كشف تقرير مفصل لمنظمة DAWN للديمقراطية عن ضلوع جبهة البوليساريو في الحرب السورية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين السوريين، والتي قاتلت فيها إلى جانب نظام الأسد السوري، بدعم من إيران وحزب الله وجماعات متطرفة أخرى.
فبعد أكثر من 14 عاما من الحرب، تكشف سوريا اليوم طبقات جديدة من التدخلات الأجنبية التي غذّت النزاع. ومن بين هذه الملفات المثيرة للجدل، تبرز مشاركة مقاتلين من جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، إلى جانب ميليشيات مرتبطة بإيران وحزب الله في صفوف قوات النظام السوري البائد.
وأكدت تقارير صحافية غربية، بينها واشنطن بوست ودويتشه فيله عربي، وجود مقاتلين من البوليساريو تلقوا تدريبات في معسكرات حزب الله بلبنان، فيما وثّقت وثائق أمنية سورية مؤرخة عام 2012 وجود 120 عنصرا من الجبهة ضمن وحدات الجيش السوري. في حين أوضحت مصادر سورية أن بعض هؤلاء المقاتلين اعتُقلوا خلال معارك قرب إدلب وحلب، بينما فر آخرون إلى لبنان رفقة عناصر من حزب الله.
ويعكس هذا الموضوع، وإن كان مغيّبا عن النقاش العام في سوريا، استراتيجية أوسع اتبعتها إيران ونظام الأسد عبر دعم جماعات مسلحة عابرة للحدود: من الحوثيين في اليمن، إلى ميليشيات عراقية وأفغانية، وصولا إلى البوليساريو في شمال إفريقيا. الهدف، بحسب باحثين سوريين، لم يكن عسكريا بحتا بل سياسيا كذلك، حيث يتيح للأسد محاولة الضغط على المغرب حليف خصومه، وكسب دعم الجزائر التي كانت من أبرز مؤيدي بقاء دمشق في الجامعة العربية.
وقد اتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة سنة 2018 إيران وحزب الله بتزويد البوليساريو بالأسلحة عبر سفارة طهران في الجزائر. وهي اتهامات عادت للواجهة مؤخرا مع تسريب صور ووثائق من داخل سوريا تؤكد التعاون العسكري. في المقابل، نفت الجبهة عبر مسؤوليها أي تورط في الحرب السورية، ووصفت هذه المعلومات بأنها "دعاية مغربية" رغم التقارير العديدة التي تؤكد العكس. لكنها لم تُنكر أن لديها مكتبا سياسيا في دمشق لعقود، قبل أن يتم إغلاقه مؤخرا.
اليوم، يثير الملف إشكاليات أعمق تتعلق بالعدالة الانتقالية في سوريا. فالمئات من المقاتلين الأجانب، بمن فيهم عناصر من البوليساريو، متهمون بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين. ومع ذلك، ما زالت المحاكمات والاعتراف بالجرائم غائبة، ما يعمّق مخاوف السوريين من تكرار صفقات سياسية تطمس الحقيقة وتفلت الجناة من العقاب.
وتعضد هذه التقارير ما خلص إليه المغرب واقتنع به العديد من حلفاءه عبر العالم، وهو أن البوليساريو يشكل تهديدا ليس على المغرب فقط، بل على الأمن الإقليمي والعالمي. كما يبرز بدون أدنى شك بأن البوليساريو تعتبر جماعة مرتزقة ساهمت في قتل الأبرياء في أكثر من ساحة نزاع، أكثر مما تدعيه بأنها جبهة تمثل شعبا يريد الاستقلال.