الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

فرنسا على صفيح ساخن: حكومة بايرو مهددة بالسقوط في تصويت الثقة


يواجه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو خطر الإطاحة بحكومته الشهر المقبل خلال تصويت حاسم على الثقة، في خطوة قد تدفع ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي إلى أزمة سياسية أعمق. فقد أعلن بايرو، أمس الاثنين، أنه سيطلب من البرلمان التصويت في 8 شتنبر المقبل على خطته غير الشعبية الرامية إلى إصلاح المالية العامة عبر تقليص النفقات بمقدار 44 مليار يورو سنويا، محذرا من أن الدين العام الضخم يمثل "خطرا آنيا" على مستقبل فرنسا.

وقال بايرو إن الأمر يتعلق بـ "لحظة حاسمة" في تاريخ البلاد، موضحا أن التصويت سيحدد ما إذا كان النواب يوافقون على حجم الخطر والسبيل لمعالجته. وأضاف: "هناك أوقات لا يسمح لك فيها سوى المخاطرة المحسوبة بتجنب خطر أكبر. إنه رهان على بقاء الدولة وصورة الأمة ومستقبل العائلات الفرنسية".

غير أن المواقف الأولية من أحزاب المعارضة لم تكن في صالحه. فقد أعلن زعيم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، أن حزبه "لن يصوت أبدا لصالح حكومة تزيد معاناة الفرنسيين"، واعتبر أن بايرو أعلن "نهاية حكومته". أما مانويل بومبار، عن حزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد، فأكد أن نواب حزبه سيصوتون لإسقاط الحكومة، فيما أعلنت زعيمة حزب الخضر مارين تونديلييه، والحزب الشيوعي، رفضهما كذلك. زعيم الحزب الاشتراكي أوليفيي فور وصف مبادرة بايرو بأنها "استقالة غير مباشرة"، مؤكدا أن حزبه سيصوت بدوره ضد الحكومة.

وبذلك يبدو أن فرص رئيس الوزراء في الحفاظ على منصبه ضئيلة، خاصة وأن حكومته لم يمض على تشكيلها سوى بضعة أشهر، بعد انهيار حكومة ميشيل بارنييه السابقة. وإذا خسر التصويت، فإن ذلك سيؤدي آليا إلى سقوط الحكومة، مع مطالبة أحزاب المعارضة بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة. لكن الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي سبق أن فاجأ الساحة السياسية بحل البرلمان في يونيو 2024، يُرجح أنه سيتجنب تكرار الخطوة في ظل الانقسام الحالي داخل الجمعية الوطنية، وقد يلجأ بدلا من ذلك إلى تعيين رئيس وزراء جديد.

ويتزامن موعد التصويت مع دعوات إلى مظاهرات واسعة ضد موازنة التقشف التي اقترحتها الحكومة، والمتوقع أن تخرج يوم 10 شتنبر، بدعم من حزب فرنسا الأبية وبعض النقابات. هذه الاحتجاجات تستحضر في الذاكرة حركة "السترات الصفراء" التي اندلعت سنة 2018 احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، والتي شكلت تحدياً كبيراً لماكرون في ولايته الأولى.