تشكل مسيرة المغربية بشرى بوستاني مثالا ملهما للنساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إذ استطاعت بفضل إصرارها وشغفها أن تنتقل من مدينتها الأم المحمدية إلى مواقع المسؤولية الدولية، حيث تشغل اليوم منصب مسؤولة أولى عن الأمن النووي بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
ولدت بوسطاني في أواخر ستينيات القرن الماضي بالمحمدية، حيث برز شغفها المبكر بالرياضيات والفيزياء. بعد تفوقها في دراستها، التحقت بالمدرسة المحمدية للمهندسين وتخصصت في الهندسة النووية، لتتخرج سنة 1993 ضمن أقلية نسائية لا تتجاوز 10% من طلبة دفعتها.
رغم غياب محطات نووية بالمغرب آنذاك، وجدت بوستاني طريقها عبر وزارة الصناعة ثم المركز الوطني للحماية من الإشعاع، قبل أن تكتشف عالم الأمن النووي سنة 2006 خلال دورة تدريبية بليبيا. هذا المجال الجديد جذبها بقوة، فخاضت تدريبات إضافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووزارة الطاقة الأمريكية، وشاركت لاحقا في مبادرة الحد من التهديدات النووية والإشعاعية.
ولم تكن مسيرة بشرى المهنية سهلة، إذ اضطرت إلى التوقف لعدة سنوات من أجل التفرغ لتربية أبنائها، لكنها عادت بقوة سنة 2016 حين أنشئت الوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي، حيث تولت قيادة مديرية الأمن النووي والضمانات.
وفي 2021، التحقت بالوكالة الدولية للطاقة الذرية كمسؤولة أولى للأمن النووي، حيث تسهم في دعم الدول لبناء وتعزيز منظوماتها الأمنية النووية، مؤكدة أن عملها يمنحها فرصة السفر والتفاعل مع ثقافات متعددة.
بوستاني تعتبر مناصرة قوية لإدماج النساء في مجالات العلوم، مؤكدة أن الإصرار والنزاهة والتنظيم هي مفاتيح النجاح، وأن العقبات يمكن تجاوزها بالإرادة. وتشير بتفاؤل إلى أن نسبة الطالبات في كليات الهندسة بالمغرب بلغت اليوم حوالي النصف، مقابل حضور نسائي محدود جدا في بداياتها.
وتندرج تجربتها ضمن جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز المساواة بين الجنسين، حيث أطلقت سنة 2020 برنامج "ماري سكلودوفسكا-كوري" لدعم الطالبات في الدراسات النووية، وتلاه برنامج "ليز مايتنر" سنة 2023 لتأهيل الباحثات عبر زيارات تدريبية للمؤسسات النووية.