أمر جيش الدفاع الإسرائيلي، في بيان عاجل، سكان مدينة غزة بالإخلاء الفوري، داعيا جميع المدنيين إلى مغادرة منازلهم فورا والتوجه إلى جنوب وادي غزة، استعدادا لاحتلال القطاع. وقال الجيش في بيانه: "عليكم إخلاء بيوتكم فورا والتوجه إلى جنوب وادي غزة، من أجل أمنكم وسلامتكم".
وأوضح البيان، الذي نشره أحد سكان القطاع في صفحته على فيسبوك، أن ما سماها "المنظمات الإرهابية" قد بدأت الحرب ضد دولة إسرائيل، ونتيجة لذلك أصبحت مدينة غزة "ساحة معركة"، مشددا على أن البقاء في المناطق المستهدفة يعرض حياة المدنيين للخطر.
وتضمن نص البيان عددا من التعليمات الإضافية الموجهة لسكان القطاع، بعدم العودة إلى منازلهم حتى صدور إعلان رسمي من جيش الدفاع الإسرائيلي، وضرورة إخلاء الملاجئ العامة المعروفة داخل مدينة غزة، والامتناع عن الاقتراب من الجدار الأمني، محذرا من أن "كل من يقترب يعرض نفسه لخطر الموت".
وأكد الجيش أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية المدنيين في ظل ما وصفه بـ"الظروف الأمنية الطارئة"، داعيا سكان المدينة إلى الالتزام الفوري بالتعليمات، تحت ذريعة الحفاظ على سلامتهم وسلامة عائلاتهم.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أمس السبت عزمه بدء تزويد سكان قطاع غزة بالخيام ومعدات إيواء أخرى، اعتبارا من يوم الأحد، تمهيدا لنقلهم من مناطق القتال في شمال القطاع إلى الجنوب. وتأتي هذه الخطوة في وقت تستعد فيه إسرائيل لشن هجوم جديد على شمال مدينة غزة، ضمن خطة عسكرية أثارت قلقا دوليا واسعا بشأن مصير السكان في هذا الشريط المدمر، والذي يعيش فيه نحو 2.2 مليون نسمة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد صرح الأحد الماضي بأن العملية العسكرية المرتقبة ستسبقها عملية إجلاء للمدنيين إلى ما وصفه بـ"مناطق آمنة"، مؤكدا أن شمال مدينة غزة يعد "آخر معقل لحركة حماس". ووفقا للجيش الإسرائيلي، سيتم نقل معدات الإيواء عبر معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، بعد فحصها من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية.
من جانبه، أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) عن قلقه من الخطط الإسرائيلية لإجلاء السكان قسرا إلى الجنوب، محذرا من أن هذه الخطوة قد تزيد من معاناة المدنيين، الذين يعيشون بالفعل في ظروف إنسانية مروعة.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الحليفة لحماس، إن إعلان الجيش "كجزء من هجومه الوحشي لاحتلال مدينة غزة، يعد سخرية فاضحة وفجة من الاتفاقيات الدولية". من جانبه رحب المكتب الأممي بالسماح بدخول الخيام ومستلزمات الإيواء إلى القطاع، مؤكدا عزمه استغلال هذه "الفرصة الإنسانية".
ورفض الجيش الإسرائيلي الكشف عما إذا كانت المساعدات مخصصة لسكان مدينة غزة، الذين يقدر عددهم بنحو مليون نسمة حاليا، أو ما إذا كانت وجهة الإجلاء ستشمل مدينة رفح المحاذية لمصر، والتي كانت هدفا سابقا للعمليات العسكرية.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت يوم الخميس من أن آلاف العائلات الفلسطينية باتت على شفا الانهيار، نتيجة النزوح المتكرر واستمرار العمليات العسكرية، مشيرة إلى أنه "لا مكان آمن في غزة"، بما في ذلك مناطق الجنوب التي تطلب إسرائيل من السكان الانتقال إليها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت إن الخطط للهجوم على شمال غزة ما زالت "قيد الإعداد"، في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية على أطراف المدينة، وخاصة في أحياء الزيتون والشجاعية، حيث أفاد سكان بتعرضهم لنيران كثيفة من الدبابات والطائرات الإسرائيلية، فضلا عن قصف المنازل والانفجارات المتكررة. وأكد الجيش أنه بدأ عملية عسكرية جديدة في حي الزيتون تستهدف العثور على متفجرات، وتدمير الأنفاق، وتصفية المسلحين.
وفي ظل استمرار الحرب، من المتوقع خروج احتجاجات في مختلف أنحاء إسرائيل، اليوم الأحد، للمطالبة بالإفراج عن الرهائن وإنهاء النزاع، مع إعلان عدد من الشركات والبلديات والجامعات دعمها للإضراب العام ليوم واحد.
وكانت المفاوضات الهادفة إلى التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوما وإطلاق سراح الرهائن قد وصلت إلى طريق مسدود الشهر الماضي، فيما تبذل مصر وقطر جهودا لإحيائها مجددا بدعم من الولايات المتحدة.