الخميس، 21 أغسطس 2025

المغرب يتصدر قائمة التهديدات الخارجية في أعين الإسبان وفق استطلاع جديد


أظهر أحدث استطلاع للرأي أصدره المعهد الملكي الإسباني "إلكانو" أن المغرب يُعد التهديد الخارجي الأكبر الذي يشعر به الإسبان، متقدما على روسيا، التي احتلت المركز الثاني في ترتيب المخاطر الخارجية. وأوضح البارومتر الذي تم الكشف عنه في مقر المعهد بمدريد أن 55% من المستجوبين يعتبرون المملكة المغربية مصدر تهديد، وهي نسبة لافتة بالنظر إلى طبيعة العلاقة بين البلدين الجارين.

الاستطلاع الذي شمل عينة مكونة من 1000 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 18 و80 سنة، موزعين على مختلف مناطق إسبانيا، بما في ذلك سبتة ومليلية، تناول قضايا دولية متعددة مثل النزاع في غزة، وغزو روسيا لأوكرانيا، ودور الاتحاد الأوروبي. كما رصد تصاعدا في القلق من سياسات الولايات المتحدة في ظل الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب. حيث ارتفعت نسبة القلق من هذه السياسات من 5% سنة 2024 إلى 19% حاليا، ما يجعلها من أبرز مصادر القلق الخارجي لدى الإسبان إلى جانب المغرب وروسيا.

الباحث السياسي إغناثيو مولينا، من المعهد الملكي إلكانو، اعتبر أن احتلال المغرب صدارة التهديدات أمر لافت، خاصة أن روسيا، رغم الحرب في أوكرانيا والتوترات مع الناتو، لم تتصدر القائمة. وأضاف أن هذا يعكس غياب تهديد خارجي حقيقي ومباشر في وعي الإسبان، مذكرا بأن الاتحاد السوفياتي لم يكن ينظر إليه كمصدر تهديد خلال الحرب الباردة من قبل الرأي العام الإسباني.

وسجل التقرير أن إدراك المغاربة كخطر على إسبانيا شهد تصاعدا مستمرا، حيث ارتفع من 35% سنة 2021 إلى 49% في 2024 ثم إلى 55% في العام الجاري، رغم ما وُصف بتهدئة في العلاقات الثنائية عقب تحول موقف حكومة بيدرو سانشيز بخصوص قضية الصحراء نحو تأييد الطرح المغربي. في المقابل، ارتفعت أيضا نظرة الريبة تجاه الصين من 3% إلى 6%، وإسرائيل من 3% إلى 8%.

وتطرق التقرير إلى أن أكثر ما يقلق الإسبان من ولاية ترامب الثانية هو السياسات الاقتصادية وعلى رأسها الرسوم الجمركية التي يعتزم فرضها، حيث يرى 61% من المستجوبين أن هذه السياسات سيكون لها تأثير سلبي على بلادهم. كما عبر الإسبان عن تدن ملحوظ في الثقة بالرئيس الأميركي، لتعد إسبانيا من بين الدول الأقل ثقة في ترامب، وفقا للباحثين كارمن غونثاليث إنريكيز وفرناندو خيخون توريس، مؤلفي الدراسة.

في جانب التقدير الشعبي الدولي، جاءت كل من إيطاليا وأوكرانيا وفلسطين في مقدمة البلدان التي تحظى بتعاطف الإسبان، بينما جاءت إسرائيل وروسيا والمغرب في ذيل القائمة. كما أظهر التقرير أن مواقف المستجوبين تختلف باختلاف التوجه الأيديولوجي، حيث يميل اليسار الإسباني إلى إظهار تعاطف أقل تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، في حين يبدي اليمين موقفا أكثر سلبية تجاه المغرب وفلسطين.

وعن خلفيات هذا التوتر في إدراك المغاربة كخطر خارجي، أشار مولينا إلى أن المغرب يعتمد في بعض الأحيان خطابا حادا تجاه إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بالمطالبة التاريخية بسبتة ومليلية. واعتبر أن شعور الإسبان بتهديد مصدره الرباط يتعزز أيضا بسبب غياب المغرب عن حسابات حلف شمال الأطلسي، ما يولد نوعا من "الإحساس بالعزلة" حسب تعبيره، رغم أن نسبة تأييد الإسبان للبقاء في الناتو لا تزال مرتفعة جدا، حيث تبلغ 85%.