قدمت الولايات المتحدة إلى الحكومة اللبنانية مقترحا سياسيا هو الأكثر تفصيلا حتى اليوم بشأن نزع سلاح حزب الله وإنهاء التوتر مع إسرائيل، بحسب وثيقة رسمية اطلعت عليها وكالة رويترز. الخطة التي حملها مبعوث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، توم باراك، تتضمن التزاما تدريجيا بنزع سلاح حزب الله، ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وانسحابا مرحليا للقوات الإسرائيلية من خمسة مواقع في جنوب البلاد.
وقد عُرضت الخطة خلال اجتماع مجلس الوزراء اللبناني، لكن النقاش اقتصر فقط على إقرار أهدافها العامة دون التطرق إلى تفاصيلها، وفق ما صرح به وزير الإعلام بول مرقص، الذي أكد أن الحكومة لم تدخل في مضمون المقترح الأميركي بل اكتفت بمناقشة نواياه ومقاصده.
الخطة الأميركية تدعو إلى إنهاء وجود المجموعات المسلحة غير الرسمية في لبنان، وعلى رأسها حزب الله، مع نشر الجيش اللبناني في مناطق حدودية ومحورية داخلية، وتسوية ملف الأسرى مع إسرائيل عبر وساطة غير مباشرة، وترسيم الحدود مع كل من إسرائيل وسوريا.
كما تنص على وقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في حال التزام بيروت بالخطة، وتُقسم إلى أربع مراحل زمنية تبدأ بإصدار مرسوم حكومي خلال أسبوعين يتعهد بنزع سلاح حزب الله بالكامل قبل نهاية عام 2025. بعدها، تبدأ آلية التنفيذ خلال 60 يوما، تتخللها خطة انتشار من الجيش اللبناني لضبط السلاح، يليها انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. أما المرحلة الثالثة، فتتضمن استكمال الانسحاب الإسرائيلي خلال ثلاثة أشهر من إطلاق الخطة، وبدء أعمال إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية، في حين تنص المرحلة الأخيرة على تفكيك ما تبقى من أسلحة ثقيلة لدى حزب الله، بما يشمل الصواريخ والطائرات المسيّرة، إلى جانب عقد مؤتمر اقتصادي دولي تنظمه الولايات المتحدة بالشراكة مع السعودية وفرنسا وقطر لدعم الاقتصاد اللبناني ومشاريع إعادة الإعمار، في إطار ما وصفته الوثيقة بـ"رؤية الرئيس ترامب لعودة لبنان كدولة مزدهرة وقابلة للحياة".
ولم يصدر أي تعليق رسمي بعد من وزارة الخارجية الأميركية، كما امتنع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الرد، بينما لم يقدم حزب الله موقفا علنيا بشأن المقترح، إلا أن مصادر سياسية مطلعة أكدت أن وزراء الحزب وحلفاءهم الشيعة انسحبوا من الجلسة الوزارية فور طرح الوثيقة للنقاش. تأتي هذه الخطة في وقت حساس يشهد توترا مستمرا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، حين أعلن حزب الله دعمه لحركة حماس وبدأ بإطلاق النار على مواقع إسرائيلية، ما أدى إلى تصعيد عسكري كبير طال جنوب لبنان.
وتشير الوثيقة الأميركية إلى أن الخطة تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة في نوفمبر الماضي، محذرة من أن تكرار الانتهاكات الإسرائيلية للهدنة، سواء عبر الغارات الجوية أو التوغلات البرية، يهدد بانهيار الوضع القائم على الحدود، ما يستدعي تحركا عاجلا لتثبيت الاستقرار ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة شاملة جديدة.