الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

تقرير للمفتشية العامة للمالية يعيد الجدل حول جدوى دراسات كلفت مؤسسات عمومية مليارات الدراهم


أعادت خلاصات المفتشية العامة للمالية إحياء النقاش حول طرق تدبير المال العام في المغرب، بعدما كشفت الوثائق التي جرى الاطلاع عليها عن تخصيص مبالغ كبيرة لتمويل دراسات يصعب تحديد جدواها الفعلية. هذه المعطيات وضعت تحت المجهر ممارسات تثير تساؤلات حول آليات الحكامة داخل عدد من المؤسسات العمومية.

ويكتسي هذا الجدل أهميته بالنظر إلى الدور الذي يفترض أن تضطلع به عمليات الافتحاص، إذ تهدف أساسا إلى التحقق من مصداقية المساطر الداخلية، والكشف عن مكامن الخلل، وتقديم تشخيص يسمح بتحسين جودة التدبير. ومن هذا المنطلق تكتسب النتائج الأخيرة للمفتشية معناها، وتبرز الحاجة إلى مراقبة أكثر صرامة للعمليات المالية والإدارية.

الأبحاث التي قامت بها المفتشية شملت ثلاثة عشر مؤسسة ومقاولة عمومية أبرمت عقود خبرة مع مكاتب دراسات مغربية وأجنبية. جزء من هذه الدراسات يتعلق بتحليلات أو خدمات لم تثبت ضرورتها بشكل واضح، فيما اتضح أن بعض التقارير تعيد إنتاج مضامين سابقة، مما يشير إلى وجود حالات محتملة من الاستنساخ أو الانتحال.

وتشير المعطيات إلى أن ميزانيات تقدر بمليارات الدراهم استنزفت في دراسات وصفتها مصادر قريبة من الملف بأنها "صورية". ولا يكشف التقرير مدى اتساع هذه الاختلالات، لكنه يؤكد أن عددا من الخدمات المنجزة تفتقر إلى عناصر تبرر الأموال المرصودة لها.

كما برزت إشكالية تكرار المهمات، إذ تبين أن دراسات متماثلة طلبت في أكثر من مناسبة من طرف جهات مختلفة دون وجود تنسيق بينها. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول مدى انسجام الحاجيات الفعلية للمؤسسات العمومية مع نوعية الخدمات التي يتم التعاقد حولها.

ومن بين النقاط اللافتة أيضا تركز جزء كبير من العقود في يد عدد محدود من مكاتب الدراسات. أحد هذه المكاتب حصل لوحده على عقود في خمسة مؤسسات عمومية خلال السنوات الأربع الماضية، ما يعزز الانطباع بوجود علاقات مميزة تربط بعض المسؤولين بهذا المتعهد، دون أن تثبت الوثائق وجود اتفاق غير مشروع. ومع ذلك، يشير التقرير إلى إمكان وجود ممارسات للمحاباة، بالنظر إلى تكرار منح العقود نفسها للجهات ذاتها، وإلى تشابه المهمات المنجزة.