يستعد الرئيس دونالد ترامب بقوة للانتخابات النصفية المقبلة رغم أنه غير مرشح فيها، إذ يكثف اتصالاته مع المرشحين ويقدم دعما سياسيا واستراتيجيا بهدف الحفاظ على سيطرة الجمهوريين على الكونغرس. وذكرت مصادر داخل الحزب الجمهوري أن ترامب بدأ منذ الصيف الماضي، قبل ثمانية عشر شهرا من موعد انتخابات 2026، الضغط على عدد من النواب الجمهوريين للتراجع عن خوض انتخابات حكام أو مجلس الشيوخ والترشح مجددا لمقاعدهم الحالية لتجنب صراعات أولية داخل الحزب. ويعد هذا التدخل المبكر أمرا غير مسبوق في السياسة الأمريكية الحديثة، حيث اعتاد الرؤساء التدخل فقط في مراحل متقدمة من الحملات الانتخابية.
تزايدت حدة تحرك ترامب بعد الانتخابات المحلية في الرابع من نونبر، حيث أظهرت استطلاعات الخروج أن الناخبين حملوا الجمهوريين مسؤولية ارتفاع تكاليف المعيشة. وقال مسؤول في البيت الأبيض أن ترامب عبر عن غضبه في اجتماعات داخلية، مشددا على أن الحزب يجب أن يتبنى خطاب محاربة غلاء الأسعار وعدم ترك الملف للديمقراطيين، مذكرا مساعديه بأنه عاد إلى البيت الأبيض على وعد مواجهة التضخم. واعتبر مساعدوه أن ترامب يرى أن القدرة الشرائية هي جوهر أجندته الاقتصادية. كما بدأ ترامب ممارسة ضغوط على إدارته للتحرك بسرعة أكبر في تقديم حلول اقتصادية ملموسة للناخبين، خصوصا بعد قيامه خلال الشهر الجاري بإلغاء بعض الرسوم الجمركية على عدد من المواد الغذائية لخفض الأسعار.
تأتي هذه التحركات في وقت تراجعت فيه شعبية ترامب إلى 38 بالمئة، حسب استطلاع رويترز إبسوس الصادر في 18 نونبر، وهو أدنى مستوى له هذا العام. ويرى محللون أن انخفاض شعبية الرئيس قد ينعكس سلبا على نتائج حزبه في حال استمرت مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد وتكاليف المعيشة، خصوصا أن تجارب سابقة أظهرت أن تراجع شعبية الرؤساء يؤدي غالبا إلى خسائر انتخابية لحزبهم في الانتخابات النصفية. كما واجه ترامب مؤخرا تحديا داخل حزبه عندما اضطر الى التراجع عن معارضته لنشر ملفات وزارة العدل الخاصة بجيفري إبستين بعد تمرد داخل الكونغرس من جانب مؤيديه.
يراهن ترامب على أن خفض الضرائب الذي أقره الكونغرس الجمهوري في يوليوز سيكون ورقة انتخابية رابحة، إذ يسعى لإقناع الناخبين بأنهم سيستفيدون من زيادات في قيمة المبالغ المستردة من هيئة الضرائب العام المقبل. وتشمل الحزمة تحويل التخفيضات الضريبية التي أقرت في 2017 إلى إجراءات دائمة. وتشير تقديرات مؤسسة الضرائب في واشنطن إلى أن متوسط التخفيض السنوي للفرد سيبلغ 3752 دولارا في 2026. لكن محللين يرون أن هذه الرسالة الإنتخابية قد لا تكون كافية لإقناع ناخبين يشعرون أن أسعار السلع ما زالت مرتفعة.
بالنسبة لترامب، فان الحفاظ على الأغلبية الجمهورية في الكونغرس هو أيضا خطوة دفاعية، إذ أن خسارة مجلس النواب أو الشيوخ قد تمنح الديمقراطيين القدرة على تعطيل أجندته وربما الشروع في مسار جديد لمحاولة عزله، بعد تعرضه لمحاولتين سابقتين خلال ولايته الأولى. لذلك يحاول الرئيس زيادة نسبة المشاركة بين الناخبين غير المعتادين على التصويت في الانتخابات النصفية، وهي استراتيجية سبق أن أثمرت لصالحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وخلال الصيف تحدث ترامب إلى عدد من النواب الجمهوريين، من بينهم بيل هويزنغا وزاك نان ومايك لاولر، طالبا منهم العدول عن الترشح لمناصب أعلى والتركيز على الاحتفاظ بمقاعدهم في مجلس النواب. وقد أعلن النواب الثلاثة لاحقا استمرارهم في خوض السباق لمقاعدهم الحالية.
كما أصدر ترامب حتى الآن عشرات التزكيات المبكرة، بينها ست عشرة في سباقات مجلس الشيوخ وسبعا وأربعين لمرشحين لمجلس النواب، وهو رقم كبير في هذه المرحلة المبكرة من الدورة الانتخابية. ويقول قادة الحزب الجمهوري أن ترامب سيظل في واجهة الحملة الانتخابية حتى نونبر القادم، عبر حضور المهرجانات الانتخابية وتكثيف خطاب الدفاع عن سياساته الضريبية. من جانبهم، يرى الديمقراطيون أن الحضور القوي لترامب في الحملة سيزيد تعبئة قاعدتهم الانتخابية، معتبرين أن ظهوره المتكرر سيذكر الناخبين بتأثير سياساته على حياتهم اليومية.