كشف تقرير جديد صادر عن مجلس الأمن عن تنامي دور المغرب داخل المنظومة الدبلوماسية الإفريقية والأممية، مؤكدا أهمية النهج المغربي القائم على الفعل البناء والحضور المستمر داخل دوائر القرار الدولي. ويقدم التقرير الصادر يوم الأربعاء الماضي قراءة تحليلية لتحولات موازين القوة داخل مجموعة A3 الممثلة للأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن، مسلطا الضوء على مكانة المغرب كفاعل مركزي في إعادة تشكيل المواقف الإفريقية داخل الهيئات متعددة الأطراف.
ويشير التقرير إلى أن عددا من الدول الإفريقية باتت تستفيد من الخبرة الدبلوماسية المغربية لتقوية منسوب الانسجام داخل مواقفها، ما يعكس رسوخ حضور المغرب في آليات التشاور القاري. ويؤكد التقرير أن هذا الاعتراف لا يقتصر على الجانب المؤسساتي بل يعكس ثقة متزايدة في قدرة المغرب على بلورة مواقف واقعية ومقنعة تقوم على الاستمرارية والعمل التوافقي.
ومن بين أبرز النقاط التي توقف عندها التقرير تلك المتعلقة بتوقعات شغل المقاعد الإفريقية خلال السنوات المقبلة، حيث برز المغرب كمرشح قوي لتمثيل شمال إفريقيا داخل مجلس الأمن خلال دورة 2028-2029 في منافسة مع ليبيا. ويعد هذا الترشح، الوارد ضمن التوقعات الرسمية، علامة على مدى الثقة في قدرة المملكة على تمثيل القارة والدفاع عن أولوياتها داخل مؤسسة دولية حساسة.
كما توقف التقرير عند مواقف التصويت الإفريقية المرتبطة بقضية الصحراء المغربية، حيث لاحظ أن عددا من الدول الأنجلوساكسونية التي كانت تاريخيا بعيدة عن الطرح المغربي بدأت في الاقتراب من رؤية الرباط. ويعكس هذا التحول نجاحا ملموسا لدبلوماسية مغربية تعتمد النفس الطويل والاتساق والاشتغال الهادئ على بناء التقارب بدل الصدام.
ويظهر هذا التغيير بوضوح في النقاشات المتعلقة بملف بعثة المينورسو، حيث باتت مواقف الدول الإفريقية داخل مجلس الأمن أكثر توازنا من السابق، بل إن بعضها أصبح أقرب للتصور المغربي مقارنة بسنوات مضت. وفي المقابل يشير التقرير إلى اتساع الهوة بين المواقف المتصلبة لبعض الأطراف الإقليمية التي فشلت في حشد تأييد قاري لمواقفها، وهو ما يصب بصورة غير مباشرة في تعزيز موقع المغرب داخل الساحة الإفريقية.
ولا يقتصر التقرير على ملف الصحراء، بل يؤكد أيضا قدرة المغرب على لعب دور فاعل ومستقر في القضايا الإفريقية الأخرى، بما يعكس حضورا دبلوماسيا متصاعدا قائما على الثقة والمسؤولية والعمل المتدرج. ويوضح التقرير أن تنامي تأثير المغرب داخل آليات العمل القاري يأتي نتيجة رؤية واضحة تمتد على مدى طويل وتلقى تقديرا متزايدا من الشركاء الأفارقة.
ويخلص التقرير إلى رسم صورة لمغرب في حالة صعود استراتيجي، دولة تعزز موقعها، تبني تحالفات، وتتحول تدريجيا إلى أحد الأقطاب الدبلوماسية المؤثرة داخل إفريقيا وفي منظومة الأمم المتحدة.