يواصل المغرب ترسيخ مكانته كأحد أبرز الأقطاب الطاقية في العالم العربي، وفق ما جاء في التقرير القطاعي الثاني لسنة 2025 الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، والذي يؤكد صعود المملكة في مجالات الطاقات المتجددة واستقطاب الاستثمارات الخضراء وتجارة الكهرباء.
بين 2003 و2024، استقطب المغرب 38,1 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المخصصة للطاقات المتجددة، بما يعادل 11% من إجمالي الاستثمارات العربية، ليحتل المرتبة الثانية بعد مصر. وقد أسهمت هذه التدفقات في إطلاق 55 مشروعا وتوفير 12,267 فرصة عمل، أي 15% من الوظائف المحدثة في القطاع على المستوى الإقليمي. ويبرز التقرير أن المغرب "يوفر إطارا جذابا ومستقرا وموجها نحو الانتقال الطاقي"، مؤكدا الاهتمام المتزايد للمستثمرين الدوليين بالطاقة الشمسية والريحية في المملكة.
وبإنتاج يصل إلى 9,2 تيراواط ساعة، يتصدر المغرب المشهد الإقليمي في الطاقة الريحية بنسبة 42% من الإنتاج العربي الإجمالي، إذ تستحوذ ثلاثة بلدان فقط (المغرب ومصر والأردن) على 94% من الكهرباء المنتجة من الرياح في العالم العربي. ويرى خبراء مؤسسة ضمان أن هذه الأرقام تؤكد "نضج المحطات الريحية المغربية" ودورها المحوري في إزالة الكربون التدريجي من المزيج الطاقي الوطني.
وبحلول عام 2025، يتوقع أن يبلغ الإنتاج الكهربائي الإجمالي للمغرب 43 تيراواط ساعة، ليحتل المرتبة التاسعة عربيا بنسبة 2,9% من الإجمالي. وتظل الطاقات الحرارية مهيمنة بإنتاج يبلغ 28,7 تيراواط ساعة، غير أن نمو المتجددة واضح: 9,2 تيراواط ساعة من الرياح، و3,7 من الشمس، و1,2 من الطاقة الكهرومائية. هذه الدينامية تؤكد رغبة الرباط في تسريع الانتقال نحو مزيج متنوع وأكثر استدامة.
كما يحتل المغرب المرتبة الثالثة عربيا في التجارة الخارجية للكهرباء ومعداتها بقيمة تصل إلى 3,32 مليارات دولار عام 2024، بما يعادل 8,2% من الإجمالي العربي، ويعد ضمن خمسة بلدان تستحوذ على 81% من التجارة الطاقية الإقليمية. ففي التفاصيل: يحتل المغرب المرتبة الرابعة في الصادرات بقيمة 360 مليون دولار، معتمدا أساسا على معدات إنتاج الكهرباء، كما يأتي ثالثا في الواردات بقيمة 2,86 مليار دولار، خصوصا في المعدات والكهرباء.
ويعد المغرب أيضا أول مستورد للكهرباء في العالم العربي بقيمة 413,7 مليون دولار، بنسبة 33,6% من إجمالي واردات المنطقة، ما يعزز دوره الاستراتيجي في المبادلات العابرة للحدود.
اجتماعيا، يسجل المغرب أداء متميزا بتحقيق 100% من تغطية الكهرباء للأسر، لينضم إلى 12 دولة عربية حققت التغطية الكاملة. وعلى مستوى الاستهلاك، يحل في المرتبة التاسعة بـ39,2 تيراواط ساعة، بينما يبقى في خانة البلدان ذات الاستهلاك الفردي المتوسط بـ1,100 كيلوواط ساعة للفرد، بعيدا عن متوسط الاستهلاك العربي البالغ 8,600 كيلوواط ساعة والمستويات المرتفعة في دول الخليج.
ومن خلال أدائه في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق توسع في الطاقات المتجددة وتعزيز القدرات التصديرية والتكامل الإقليمي التجاري، يكرس المغرب مكانته كنموذج عربي في الانتقال الطاقي. ويقدم تقرير ضمان صورة لبلد "في خضم تحول تكنولوجي واستراتيجي"، مدعوما باستثمارات ضخمة ورؤية طاقية واضحة، ما يجعل المملكة فاعلا أساسيا في المشهد الطاقي العربي لعام 2025.