تشهد الساحة الطلابية في مقاطعة كيبيك بكندا حالة توتر متزايدة بعد صدور القرارات الجديدة المرتبطة بالدراسة والهجرة. هذه الإجراءات التي أعلنتها حكومة المقاطعة طالت الطلبة الدوليين وعلى رأسهم الطلبة المغاربة الذين يشكلون إحدى أكبر الجاليات الطلابية في كيبيك. وبينما تقدم الحكومة هذه التغييرات باعتبارها وسيلة لتنظيم تدفق الطلبة وحماية النظام التعليمي يرى كثيرون أنها خلقت واقعا جديدا يتسم بالغموض والقلق.
وكانت حكومة كيبيك قد فرضت سقفا على عدد طلبات الدراسة التي يمكن تقديمها خلال العام، وهو ما أدى إلى تكدس الملفات وصعوبة الحصول على فرصة معالجة مضمونة. الطلبة المغاربة الذين اعتادوا التقديم بأعداد كبيرة وجدوا أنفسهم أمام سباق زمني غير واضح العواقب خصوصا في ظل غياب ضمانات بأن ملفاتهم ستقبل قبل بلوغ العدد المحدد من الطلبات.
قرار وقف إصدار شهادة القبول للطلبة الراغبين في دراسة اللغة الفرنسية في مدارس خاصة شكل صدمة للعديد من الطلبة المغاربة الذين كانوا يعتمدون على هذه البرامج لتقوية مستواهم اللغوي قبل الولوج إلى الدراسة الجامعية. الحكومة بررت القرار بأنه يستهدف الحد من استغلال بعض المؤسسات الخاصة للطلبة لكن تأثيره شمل الجميع وقطع الطريق أمام مرحلة تأقلم لغوي كان الكثيرون في حاجة إليها.
إعلان الحكومة إغلاق المسارات الخاصة بالخريجين والعمال المؤقتين ضمن برنامج تجربة كيبيك شكل نقطة تحول كبيرة بالنسبة للطلبة المغاربة. هذا البرنامج كان يعتبر لسنوات المسار الأكثر وضوحا نحو الحصول على الإقامة الدائمة. ومع إلغائه أصبح مستقبل العديد من الطلبة غامضا بعد أن استثمروا مبالغ كبيرة أملا في الاستقرار المهني داخل المقاطعة.
التعديلات الجديدة رفعت من مستوى المتطلبات اللغوية اللازمة للالتحاق بالمسارات المستقبلية الخاصة بالإقامة. ورغم أن الطلبة المغاربة يتوفرون عادة على أساس لغوي جيد فإن هذه المتطلبات تجعل الاندماج الأكاديمي أصعب خاصة في التخصصات العلمية التي تعتمد على الإنجليزية.
تواجه الجامعات والمعاهد تحديات مالية وتنظيمية مع تراجع أعداد الطلبة الدوليين المحتملين. هذه المؤسسات تعتمد بشكل كبير على الرسوم الدراسية التي يدفعها الطلبة الأجانب. ومع هذه القرارات فإن بعض التخصصات أو البرامج قد تتأثر بشكل مباشر مما ينعكس على البيئة التعليمية والبحثية.
شهدت مونتريال ومدن كيبيكية أخرى مظاهرات شارك فيها طلبة مغاربة بكثافة للتعبير عن رفضهم لهذه السياسات. رفع المحتجون شعارات تطالب بإعادة النظر في القرارات التي وصفوها بأنها تضييقية وغير عادلة. وفي المقابل تشير الحكومة إلى أن الهدف هو إعادة تنظيم النظام وضمان اندماج أكثر فاعلية في سوق العمل.
وتعيش كيبيك مرحلة إعادة تشكيل لسياساتها المتعلقة بالطلبة الدوليين. وبينما تؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات ضرورية يرى الطلبة المغاربة أنها جاءت مفاجئة ومربكة وأثرت على تخطيطهم الدراسي والمهني. المشهد الحالي يثير أسئلة حول قدرة المقاطعة على الموازنة بين حماية سوقها الداخلي والحفاظ على جاذبيتها الدولية كوجهة دراسية مفضلة. وفي ظل هذا الغموض يبقى مستقبل آلاف الطلبة المغاربة معلقا بانتظار مراجعات أو إجراءات تخفيفية قد تعيد لهم بعض الوضوح والاستقرار.