أثار النجم الإيطالي السابق جينارو غاتوزو غضبا واسعا في الأوساط الكروية بعد تصريحات اعتبرت مسيئة وعنصرية تجاه القارة الإفريقية، حين حملها بشكل غير مباشر مسؤولية عدم تأهل منتخب إيطاليا مباشرة إلى كأس العالم، منتقدا نظام التصفيات الجديد الذي اعتمدته الفيفا.
وقال غاتوزو في مقابلة حديثة: "في أيامي، كانت أفضل المنتخبات التي تحتل المركز الثاني تتأهل مباشرة إلى كأس العالم، الآن تغيرت القواعد. ولتغيير القواعد، عليك أن تخاطب المنظمين". وأضاف: "في عامي 1990 و1994 كان هناك منتخبان إفريقيان فقط (الحقيقة أنه كانت هناك 3 منتخبات في 1994)، واليوم أصبح العدد تسعة. ليست مسألة جدل، لكن هناك صعوبات، ونعرف ذلك جيدا".
وتلقت هذه التصريحات رفضا واسعا في إفريقيا، حيث رأى كثيرون أنها محاولة للتقليل من تطور الكرة الإفريقية بدلا من الاعتراف بالتقدم الكبير الذي حققته خلال السنوات الأخيرة.
لكن، تشير الوقائع إلى مسار مغاير تماما لما لمح إليه غاتوزو، إذ أثبتت المنتخبات الإفريقية مرارا قدرتها على المنافسة في أعلى المستويات. فقد أبهر المغرب العالم خلال مونديال 2022 بعدما أصبح أول منتخب إفريقي يصل إلى نصف النهائي، فيما اعتاد منتخبا السنغال ونيجيريا بلوغ الأدوار الإقصائية، إلى جانب أداء قوي لمنتخبات أخرى تركت بصمتها في أكبر المحافل الكروية.
ويرى متابعون أن ما اعتبر إيحاءات عنصرية في تصريحات غاتوزو يتجاهل هذا التطور الواضح، ويعيد إنتاج خطاب سبق ظهوره في بعض الدوائر الأوروبية، من بينها تصريحات المدافع السابق جيمي كاراغر حول كأس الأمم الإفريقية حين قلّل من شأنها واعتبرها بطولة غير كبرى.
على سبيل المثال، قدم المغرب نموذجا لافتا لما تستطيع الكرة الإفريقية تحقيقه، عبر إنجاز تاريخي في كأس العالم 2022 بعد إقصاء منتخبات قوية مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، قبل السقوط أمام فرنسا في نصف النهائي، مثبتا أن المنتخبات الإفريقية قادرة على هزم أي فريق في يومها المثالي.
وجاء هذا النجاح نتيجة استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتكوين وتأهيل المدربين، وهو النموذج الذي بدأت دول إفريقية أخرى تتبعه عبر تطوير الدوريات المحلية وتعزيز برامج تكوين المواهب.
ويتوسع الخزان البشري الإفريقي بوتيرة غير مسبوقة، إذ يضم حاليا لاعبين بارزين في أكبر الأندية الأوروبية، إلى جانب تطور نوعي في العمل القاعدي داخل القارة، ما انعكس على المستوى التقني والتكتيكي للمنتخبات.