الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

المغرب يعزز استراتيجيته الوطنية لتحلية المياه لمواجهة ندرة الموارد المائية


في ظل سنوات من الضغوط المناخية المتزايدة وتراجع المخزون المائي، يعزز المغرب استراتيجيته الوطنية للتحلية لضمان إمدادات طويلة الأمد من المياه والاستجابة للطلب المتنامي.

ويمر سوق تحلية المياه بالمملكة بمرحلة توسع سريع، حيث من المتوقع أن تتضاعف الاستثمارات خلال العقد المقبل، مدعومة بالتقدم التكنولوجي واعتماد متزايد على مصادر الطاقة المتجددة.

وتشير أرقام حديثة لمنصة "الماء ديالنا" التابعة لوزارة التجهيز والماء إلى أن حجم سوق تحلية المياه بالمغرب سيرتفع من 400 مليون دولار في 2024 إلى 850 مليون دولار بحلول 2033، أي بزيادة تبلغ نحو 112 %، وفق تقرير صادر عن شركة الأبحاث الدولية Renub Research. ويبين التقرير معدل نمو سنوي مركب قدره 8,74 %، مدفوعاً بندرة المياه المزمنة، والاستثمار العمومي الكبير، والتطور التكنولوجي، والطلب المتنامي على حلول المياه المستدامة في المدن الكبرى، إلى جانب التوسع في دمج مصادر الطاقة المتجددة.

ويشير التقرير إلى الدور المركزي للشراكات بين القطاعين العام والخاص في تمويل مشاريع التحلية الكبرى في مدن مثل الدار البيضاء، أكادير، وصفى، ضمن استراتيجية الحكومة لمواجهة دورات الجفاف الطويلة وانخفاض مستويات المياه الجوفية. وتساعد هذه الشراكات على تعزيز الابتكار وتحسين الأداء التشغيلي رغم التحديات المستمرة المتعلقة بارتفاع تكاليف التنفيذ والمتطلبات التقنية والحاجة إلى ضمان توزيع عادل للمياه.

ويستند التقدم التكنولوجي السريع في المغرب على أنظمة التناضح العكسي المطورة، التي حققت مكاسب ملحوظة في كفاءة الطاقة ومتانة الأغشية. وساهم الاستخدام المتزايد للطاقة الشمسية والرياح في إطالة عمر محطات التحلية وتقليل تكاليف الصيانة، مدعوماً بأنظمة تشغيل مؤتمتة وعمليات معالجة مسبقة متقدمة.

ومن بين المشاريع الرائدة التي تشكل التحول في هذا القطاع، محطة تحلية مياه البحر واسعة النطاق المزمع إنشاؤها في منطقة الدار البيضاء-سطات، والتي ستوفر نحو 300 مليون متر مكعب سنوياً لفائدة نحو 7,5 مليون نسمة. وفي المنطقة الشرقية، يهدف مشروع تحلية ناظور لتوفير 250 مليون متر مكعب سنوياً، فيما تنتج محطة صفى حالياً 86,400 متر مكعب يومياً.

وتندرج هذه المشاريع ضمن هدف المغرب الوصول إلى إنتاج سنوي قدره 1,7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة بحلول 2030، بدعم من البرنامج الوطني لتزويد المدن بالماء الصالح للشرب 2020-2027، ما يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والاستثمار المستدام والتوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة.

وتضع هذه المبادرات المغرب بين الدول الرائدة في إفريقيا في مجال تحلية المياه، معززة مساعيه لضمان الأمن المائي طويل الأمد للأجيال القادمة.