الأربعاء، 10 ديسمبر 2025

اكتشاف عقرب بحري عملاق عمره 470 مليون سنة في جنوب المغرب


اكتشف فريق دولي من الباحثين قرب مدينة زاكورة، جنوب المغرب، أحفورة استثنائية لعقرب بحري عملاق يعود عمره إلى نحو 470 مليون سنة. ويحمل الكائن المكتشف اسم "كارسينوسوما أوروري"، وقد تم التعرف عليه من قبل فريق علمي يقوده عالم الحفريات المغربي عبد الرزاق الألباني من جامعة بواتييه، إلى جانب ديفيد رودكين من المتحف الملكي في أونتاريو بكندا. ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة "Proceedings of the Royal Society B".

ويعد هذا العقرب البحري من أضخم المفترسات التي عاشت في العصر الباليوزوي، إذ بلغ طوله قرابة مترين، وكان ينتمي إلى عائلة "اليوربتريدات" وهي من المفصليات المائية القريبة من العقارب والعناكب الحديثة. وتميز بجسم طويل وذيل مقسم ومخالب قوية جعلته يهيمن على البحار قبل ظهور الأسماك المدرعة الأولى. وأشار العلماء إلى أن حجمه يفوق بكثير جميع الأنواع المعروفة من فصيلته، مما يجعله أحد أكبر الكائنات المفترسة في عصره.

الأحفورة عثر عليها في موقع "فون دي فزواتا" الشهير في جهة درعة-تافيلالت، وهو موقع جيولوجي معروف عالميا بجودة حفظ حفرياته النادرة. وقد سمحت الظروف الرسوبية الفريدة في المنطقة بالحفاظ على تفاصيل دقيقة للغاية من البنية التشريحية للكائن، مما يوفر رؤية ثمينة عن النظم البيئية الأولى على كوكب الأرض.

وكشفت التحاليل أن الهيكل الخارجي للعقرب البحري كان مزخرفا بدقة، وتظهر عليه آثار ألوان تتراوح بين البني المحمر والأزرق المعدني. ويعتقد أنه عاش في بحر استوائي ضحل قرب القارة العملاقة "غوندوانا"، وسط بيئة بحرية غنية بالكائنات مثل ثلاثية الفصوص والزنابق البحرية والإسفنجيات.

وأكدت الدراسة أن وجود مفترسات بحرية ضخمة في بدايات العصر الأوردوفيشي يسبق بكثير ما كان يعتقده العلماء، مما يعيد النظر في فهم تطور الحياة البحرية المبكرة. كما تبرز الاكتشاف الدور المحوري للمغرب في دراسة تاريخ الحياة على الأرض.

وقال عبد الرزاق الألباني إن "المغرب يحتضن اليوم واحدا من أهم الكنوز الأحفورية في العالم"، مشددا على ضرورة حماية هذا التراث الجيولوجي الفريد وتثمينه علميا وسياحيا.

وتعد هذه الدراسة ثمرة تعاون بين المتحف الملكي في أونتاريو وجامعة بواتييه وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمتحف البريطاني للتاريخ الطبيعي في لندن. كما أعلن الفريق عن تنظيم حملات تنقيب جديدة سنة 2026 لمواصلة استكشاف وادي فزواتا، الذي يعد شاهدا حيا على بدايات الحياة الحيوانية على كوكب الأرض.