احتضنت مدينة العيون ندوة وطنية كبرى نظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية تحت عنوان "دور القضاء في تجسيد الوحدة الوطنية"، وذلك في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء. وشكلت هذه الندوة مناسبة لاستحضار مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الوحدة الترابية للمملكة، وإبراز الأدوار التاريخية والسيادية التي اضطلع بها القضاء في ترسيخ قيم الدولة الوطنية وتعزيز روح الانتماء والوحدة.
وشارك في الندوة ثلة من الشخصيات الوطنية البارزة، من ضمنهم والي جهة العيون الساقية الحمراء عبد السلام بكرات، والرئيس الأول لمحكمة النقض محمد عبد النباوي، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هشام بلاوي، ورئيس المحكمة الدستورية، ووسيط المملكة، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إلى جانب شخصيات قضائية وأكاديمية وممثلي المجتمع المدني.
وأكد المشاركون أن ملحمة المسيرة الخضراء كانت تجسيدا حيا للتلاحم بين العرش والشعب، وأن خمسين سنة من العمل المتواصل تحت قيادة الملك محمد السادس أثمرت مكاسب كبيرة، أبرزها اعتراف مجلس الأمن الدولي بمشروعية مقترح الحكم الذاتي عبر القرار 2797، الذي كرس وجاهة الطرح المغربي كحل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأشار المتدخلون إلى أن الدفاع عن الوحدة الوطنية لا يقتصر على الميادين السياسية والدبلوماسية، بل يمتد أيضا إلى ميدان القضاء باعتباره أحد أعمدة السيادة الوطنية. فالقضاء، حسب المتحدثين، يشكل ركيزة أساسية لدولة القانون ويجسد سيادة المملكة في كل ربوعها، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، التي ظلت منذ قرون خاضعة لنظام البيعة الشرعية، حيث كان السلاطين المغاربة يعينون القضاة في الصحراء كما في باقي مناطق البلاد.
وقد أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 1975 وجود روابط قانونية وروحية بين العرش المغربي وسكان الصحراء، وهو ما يدحض بشكل قاطع أطروحة "الأرض الخلاء". وأوضح المتدخلون أن ممارسة القضاء في الصحراء، وارتباط القضاة الصحراويين بنظام البيعة، يشكلان دليلا تاريخيا ثابتاً على السيادة المغربية، تجسد في الأحكام والوثائق العدلية الموجهة إلى السلاطين، والتي تؤكد وحدة الدولة في بعدها الديني والقانوني والسياسي.
وعلى هامش الندوة، نظم معرض خاص عرض نسخا من وثائق قضائية تاريخية نادرة، تجسد عمق الممارسة العدلية في الأقاليم الجنوبية منذ قرون، وتشكل شاهدا ماديا على استمرارية السيادة القانونية للمغرب على صحرائه.