أرسلت وزارة الداخلية توجيهات صارمة على عدد من رؤساء الجماعات الترابية في مختلف جهات المملكة، خاصة بجهتي الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة، بضرورة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد جماعاتهم وتسوية النزاعات العالقة منذ سنوات، بعد ورود تقارير تشير إلى شبهات "ابتزاز" ومساومات في تنفيذ بعض الأحكام بشكل ودي.
وقد أحدثت المديرية العامة للجماعات الترابية خلية خاصة لمراقبة مدى التزام الجماعات بتنفيذ الأحكام وتتبع أسباب التأخير، وهو ما مكن من معالجة عشرات الملفات المتعثرة منذ بداية السنة الجارية. بعض هذه الملفات تم تنفيذه فعلا، فيما تمت إحالة ملفات أخرى إلى المصالح المختصة بسبب عراقيل مالية أو رفض التنفيذ من قبل بعض المسؤولين المحليين.
كما تعمل مصالح وزارة الداخلية على تعزيز التنسيق مع وزارة العدل من أجل تتبع الملفات التنفيذية المعروضة أمام المحاكم الإدارية، وإيجاد حلول قانونية لتسوية المخزون الكبير من الأحكام قبل نهاية السنة.
وكانت الإدارة المركزية قد وجهت تحذيرات مباشرة إلى رؤساء جماعات بشأن الاستمرار في ارتكاب أخطاء مسطرية أو تجاوزات قانونية عند منح التراخيص دون احترام مقتضيات قانون التعمير أو استشارة الوكالات الحضرية والسلطات المحلية. كما شددت الوزارة على أن سلطة الوصاية لن تتساهل مع أي تهاون إداري يؤدي إلى صدور أحكام مالية أو عقارية ضد الجماعات، مشيرة إلى أن مسؤولية الدفاع عن مصالح الجماعة تقع على عاتق رئيس المجلس الجماعي وفق المادة 263 من القانون التنظيمي رقم 113.14، دون الحاجة إلى مداولات المجلس.
وقد سجل قسم المنازعات بمديرية المؤسسات المحلية ارتفاعا مقلقا في عدد الجماعات الممتنعة عن تنفيذ أحكام قضائية نهائية لفائدة مقاولين وأصحاب عقارات، رغم توفرها على الاعتمادات المالية اللازمة. وتشير المعلومات التي توصلت بها الداخلية إلى وجود شبهات مساومة من قبل بعض المنتخبين مقابل تنفيذ تلك الأحكام، إضافة إلى تواطؤات داخلية يشتبه في أنها ساهمت في استصدار أحكام بتعويضات مالية كبيرة ضد الجماعات نفسها.
هذا الحزم الوزاري يعكس، وفق مصادر متطابقة، توجها جديدا يرمي إلى فرض الانضباط القانوني وحماية المال العام، خاصة بعدما تبين أن جزءا من الأحكام السلبية المسجلة ضد الجماعات يعود إلى ضعف المتابعة القانونية وسوء تدبير الملفات القضائية على المستوى المحلي.